كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)

وَقَدْ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: " {§وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16] قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ عَسْكَرُهُ مِائَةَ فَرْسَخٍ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا لِلْإِنْسٍ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِلْجِنِّ , وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِلْوَحْشِ , وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِلطَّيْرِ، وَكَانَ لَهُ أَلْفُ بَيْتٍ مِنْ قَوَارِيرَ عَلَى الْخَشَبِ؛ فِيهَا ثَلَاثُ مِائَةِ صَرِيحَةٍ، وَسَبْعُ مِائَةِ سَرِيَّةٍ، فَأَمَرَ الرِّيحَ الْعَاصِفَ فَرَفَعَتْهُ، وَأَمَرَ الرُّخَاءَ فَسَيَّرَتْهُ؛ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَسِيرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ: إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَتِ الرِّيحُ فَأَخْبَرَتْهُ "
§وَقَوْلُهُ: {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 16] يَقُولُ: وَأُعْطِينَا وَوَهْبَ لَنَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرَاتِ.
{§إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل: 16] يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أُوتِينَا مِنَ الْخَيْرَاتِ لَهُوَ الْفَضْلُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ دَهْرِنَا الْمُبِينُ، يَقُولُ: الَّذِي يَبِينُ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ أَنَّهُ فَضْلٌ أُعْطِينَاهُ عَلَى مِنْ سِوَانَا مِنَ النَّاسِ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 17] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَجُمِعَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فِي مَسِيرٍ -[26]- لَهُمْ فَهُمْ يُوزَعُونَ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ {فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 17] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَهُمْ يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا.

الصفحة 25