كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ، وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [النمل: 22] فَمَكَثَ سُلَيْمَانُ غَيْرَ طَوِيلٍ مِنْ حِينَ سَأَلَ عَنِ الْهُدْهُدِ، حَتَّى جَاءَ الْهُدْهُدُ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {فَمَكَثَ} [النمل: 22] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ سِوَى عَاصِمٍ: (فَمَكُثَ) ، بِضَمُّ الْكَافِ، وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ بِفَتْحِهَا، وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدَنَا صَوَابٌ، لِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، وَإِنْ كَانَ الضَّمُّ فِيهَا أَعْجَبُ إِلَيَّ، لِأَنَّهَا أَشْهُرُ اللُّغَتَيْنِ وَأَفْصَحُهُمَا
§وَقَوْلُهُ: {فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل: 22] يَقُولُ: فَقَالَ الْهُدْهُدُ حِينَ سَأَلَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ تَخَلُّفِهِ وَغَيْبَتِهِ: أَحَطْتُ بِعِلْمِ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ أَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ
كَمَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {§أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل: 22] قَالَ: مَا لَمْ تَعْلَمْ "
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: " {§فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [النمل: 22] ثُمَّ جَاءَ الْهُدْهُدُ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: مَا خَلَّفَكَ عَنْ نَوْبَتِكَ؟ قَالَ: أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ "
§وَقَوْلُهُ: {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22] يَقُولُ: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِخَبَرٍ يَقِينٍ.
وَهُوَ مَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: " {§وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22] أَيْ أَدْرَكْتُ مُلْكًا لَمْ يَبْلُغْهُ مُلْكُكَ ".

الصفحة 37