كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: " §فَأَجَابَهُ سُلَيْمَانُ، يَعْنِي أَجَابَ الْهُدْهُدَ لَمَّا فَرَغَ: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 28] وَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ، ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ مُنْصَرِفًا إِلَيَّ. وَقَالَ: وَكَانَتْ لَهَا كَوَّةٌ مُسْتَقْبِلَةَ الشَّمْسِ سَاعَةَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ تَطْلُعُ فِيهَا فَتَسْجُدُ لَهَا، فَجَاءَ الْهُدْهُدُ حَتَّى وَقَعَ فِيهَا فَسَدَّهَا، وَاسْتَبْطَأَتِ الشَّمْسَ، فَقَامَتْ تَنْظُرُ، فَرَمَى بِالصَّحِيفَةِ إِلَيْهَا مِنْ تَحْتِ جَنَاحِهِ، وَطَارَ حَتَّى قَامَتْ تَنْظُرُ الشَّمْسَ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ زَيْدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهُدْهُدَ تَوَلَّى إِلَى سُلَيْمَانَ رَاجِعًا، بَعْدَ إِلْقَائِهِ الْكِتَابَ، وَأَنَّ نَظَرَهُ إِلَى الْمَرْأَةِ مَا الَّذِي تَرْجِعُ وَتَفْعَلُ كَانَ قَبْلَ إِلْقَائِهِ كِتَابَ سُلَيْمَانَ إِلَيْهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ، فَكُنْ قَرِيبًا مِنْهُمْ، وَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ؛ قَالُوا: وَفَعَلَ الْهُدْهُدُ، وَسَمِعَ مُرَاجَعَةَ الْمَرْأَةِ أَهْلَ مَمْلَكَتِهَا، وَقَوْلَهَا لَهُمْ: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 29] وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا.
الصفحة 45