كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، " {§إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ} [لقمان: 19] قَالَ: أَشَرُّ الْأَصْوَاتِ "
قَالَ جَابِرٌ: وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ: «§أَشَدُّ الْأَصْوَاتِ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ " {§إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19] قَالَ: لَوْ كَانَ رَفْعُ الصَّوْتِ هُوَ خَيْرٌ مَا جَعَلَهُ لِلْحَمِيرِ ". وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ: إِنَّ أَقْبَحَ أَوْ أَشَرَّ الْأَصْوَاتِ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ، إِذَا رَأَوْا وَجْهًا قَبِيحًا، أَوْ مَنْظَرًا شَنِيعًا: مَا أَنْكَرَ وَجْهَ فُلَانٍ، وَمَا أَنْكَرَ مَنْظَرَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19] فَأُضِيفَ الصَّوْتُ وَهُوَ وَاحِدٌ إِلَى الْحَمِيرِ وَهِيَ جَمَاعَةٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ إِنْ شِئْتَ، قُلْتَ: الصَّوْتُ بِمَعْنَى الْجَمْعُ، كَمَا قِيلَ {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} [البقرة: 20] وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: مَعْنَى الْحَمِيرِ: مَعْنَى الْوَاحِدِ، لِأَنَّ الْوَاحِدَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ يُؤَدِّي عَمَّا يُؤَدِّي عَنْهُ الْجَمْعُ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}
الصفحة 565