كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عِيسَى، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، (§نِعْمَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ". وَقَوْلُهُ: {ظَاهِرَةً} [لقمان: 20] يَقُولُ: ظَاهِرَةً عَلَى الْأَلْسُنِ قَوْلًا، وَعَلَى الْأَبْدَانِ وَجَوَارِحِ الْجَسَدِ عَمَلًا. وَقَوْلُهُ: {وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20] يَقُولُ: وَبَاطِنَةً فِي الْقُلُوبِ اعْتِقَادًا وَمَعْرِفَةً.
§وَقَوْلُهُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى} [الحج: 8] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُخَاصِمُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَإِخْلَاصِ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ لَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ عِنْدَهُ بِمَا يُخَاصِمُ، {وَلَا هُدًى} [الحج: 8] يَقُولُ: وَلَا بَيَانٍ يُبَيِّنُ بِهِ صِحَّةَ مَا يَقُولُ {وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8] يَقُولُ: وَلَا بِتَنْزِيلٍ مِنَ اللَّهِ جَاءَ بِمَا يَدَّعِي، يُبَيِّنُ حَقِيقَةِ دَعْوَاهُ، كَمَا:
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، " {§وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَلَا هُدًى، وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8] لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اللَّهِ بُرْهَانٌ وَلَا كِتَابٌ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [لقمان: 21]-[569]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ جَهْلًا مِنْهُمْ بِعَظَمَةِ اللَّهِ: اتَّبِعُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَصَدِّقُوا بِهِ، فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُحِقِّ مِنَّا وَالْمُبْطِلِ، وَيَفْصِلُ بَيْنَ الضَّالِّ وَالْمُهْتَدِي، فَقَالُوا: بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا مِنَ الْأَدْيَانِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ حَقٍّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ} [لقمان: 21] بِتَزْيِينِهِ لَهُمْ سُوءَ أَعْمَالِهِمْ، وَاتِّبَاعَهُمْ إِيَّاهُ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ، وَكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَتَرْكِهِمُ اتِّبَاعَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ عَلَى نَبِيِّهِ {إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: 4] يَعْنِي: عَذَابَ النَّارِ الَّتِي تَتَسَعَّرُ وَتَلْتَهِبُ.
الصفحة 568