كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)
§وَقَوْلُهُ: {هُدًى} [البقرة: 2] مِنْ صِفَةِ الْقُرْآنِ. يَقُولُ: هَذِهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ بَيَّنَ بِهِ طَرِيقَ الْحَقِّ وَسَبِيلَ السَّلَامِ.
{§وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 97] يَقُولُ: وَبِشَارَةٌ لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَ بِمَا أُنْزِلَ فِيهِ بِالْفَوْزِ الْعَظِيمِ فِي الْمَعَادِ. وَفِي قَوْلِهِ: {هُدًى وَبُشْرَى} [النمل: 2] وَجْهَانِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ: الرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ بِمَعْنَى: هُوَ هُدًى وَبُشْرَى. وَالنُّصْبُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ الْهُدَى وَالْبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أُسْقِطَتِ الْأَلْفُ وَاللَّامُ مِنَ الْهُدَى وَالْبُشْرَى، فَصَارَا نَكِرَةً، وَهُمَا صِفَةٌ لِلْمَعْرِفَةِ فَنُصِبَا.
§وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [المائدة: 55] يَقُولُ: هُوَ هُدًى وَبُشْرَى لِمَنْ آمَنَ بِهَا، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِحُدُودِهَا.
§وَقَوْلُهُ: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [المائدة: 55] يَقُولُ: وَيُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: وَيُطَهِّرُونَ أَجْسَادَهُمْ مِنْ دَنَسِ الْمَعَاصِي. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
{§وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [النمل: 3] يَقُولُ: وَهُمْ مَعَ إِقَامَتِهِمُ الصَّلَاةَ، وَإِيتَائِهِمُ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ، بِالْمَعَادِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْمَمَاتِ يُوقِنُونَ، فَيَذَلُّونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، -[7]- رَجَاءَ جَزِيلِ ثَوَابِهِ، وَخَوْفَ عَظِيمِ عِقَابِهِ، وَلَيْسُوا كَالَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ، وَلَا يُبَالُونَ أَحْسَنُوا أَمْ أَسَاءُوا، وَأَطَاعُوا أَمْ عَصَوْا، لِأَنَّهُمْ إِنْ أَحْسَنُوا لَمْ يَرْجُوا ثَوَابًا، وَإِنْ أَسَاءُوا لَمْ يَخَافُوا عِقَابًا.
الصفحة 6
666