كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)

ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «بِمَا صَبَرُوا» وَمَا إِذَا كُسِرَتِ اللَّامُ مِنْ «لِمَا» فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، وَإِذَا فُتِحَتِ اللَّامُ وَشُدِّدَتِ الْمِيمُ، فَلَا مَوْضِعَ لَهَا، لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أَدَاةٌ. وَالْقَوْلُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَامَّةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ. وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذَا قُرِئَ ذَلِكَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يُهْدُونَ أَتْبَاعَهُمْ بِإِذْنِنَا إِيَّاهُمْ، وَتَقْوِيَتِنَا إِيَّاهُمْ عَلَى الْهِدَايَةِ، إِذْ صَبَرُوا عَلَى طَاعَتِنَا، وَعَزَفُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ لِذَاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا. وَإِذَا قُرِئَ بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى مَا قَدْ وَصَفْنَا. وَقَدْ:
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي، سَمِعْنَا فِي: {§وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24] قَالَ: عَنِ الدُّنْيَا "
§وَقَوْلُهُ: {وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] يَقُولُ: وَكَانُوا أَهْلَ يَقِينٍ بِمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ حُجَجُنَا، وَأَهْلَ تَصْدِيقٍ بِمَا تَبَيَّنَ لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ؛ وَإِيمَانٍ بِرُسُلِنَا وَآيَاتِ كِتَابِنَا -[639]- وَتَنْزِيلِنَا.

الصفحة 638