كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 18)

قَوْلِهِ {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} [يوسف: 109] مِمَّا يُضَافُ إِلَى نَفْسِهِ إِذَا اخْتَلَفَ اسْمَاهُ وَلَفْظَاهُ تَوَهُّمًا بِالثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ. قَالَ: وَمِثْلُهُ حَبَّةُ الْخَضْرَاءِ، وَلَيْلَةُ الْقَمْرَاءِ، وَيَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا أَشْبَهَهُ. وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: إِنْ كَانَ الشِّهَابُ هُوَ الْقَبَسُ لَمْ تَجُزِ الْإِضَافَةُ، لِأَنَّ الْقَبَسَ نَعْتٌ، وَلَا يُضَافُ الِاسْمُ إِلَى نَعْتِهِ إِلَّا فِي قَلِيلٍ مِنَ الْكَلَامِ، وَقَدْ جَاءَ: {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} [يوسف: 109] وَ {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} [الأنعام: 32] ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشِّهَابَ إِذَا أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ غَيْرُ الْقَبَسِ فَالْقِرَاءَةُ فِيهِ بِالْإِضَافَةِ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامَ حِينَئِذٍ، مَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّهُ شُعْلَةُ قَبَسٍ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر المنسرح]
فِي كَفِّهِ صَعْدَةٌ مُشَقَّفَةٌ ... فِيهَا سِنَانٌ كَشُعْلَةِ الْقَبَسِ
وَإِذَا أُرِيدَ بِالشِّهَابِ أَنَّهُ هُوَ الْقَبَسُ، أَوْ أَنَّهُ نَعْتٌ لَهُ، فَالصَّوَابُ فِي الشِّهَابِ التَّنْوِينُ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ تَرْكُ إِضَافَةِ الِاسْمِ إِلَى نَعْتِهِ، وَإِلَى نَفْسِهِ، بَلِ الْإِضَافَاتُ فِي كَلَامِهَا الْمَعْرُوفِ إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى غَيْرِ نَفْسِهِ وَغَيْرِ نَعْتِهِ.
§وَقَوْلُهُ: {لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} [النمل: 7] يَقُولُ: كَيْ تَصْطَلُوا بِهَا مِنَ الْبَرْدِ.
§وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا جَاءَهَا} [النمل: 8] يَقُولُ: فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى النَّارَ الَّتِي آنَسَهَا {نُودِيَ أَنْ -[10]- بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8] .

الصفحة 9