كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 19)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ مِنْ إِثْمٍ فِيمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مِنْ نِكَاحِ امْرَأَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ بَعْدَ فِرَاقِهِ إِيَّاهَا
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {§مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} [الأحزاب: 38] «أَيْ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ»
§وَقَوْلُهُ: {سَنَةُ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} [الأحزاب: 38] يَقُولُ: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ تَعَالَى لِيُؤْثِمُ نَبِيَّهُ فِيمَا أَحَلَّ لَهُ مِثَالَ فَعَلَهُ بِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُؤْثِمْهُمْ بِمَا أَحَلَّ لَهُمْ، لَمْ يَكُنْ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَخْشَى النَّاسَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَحَلَّهُ لَهُ. وَنَصَبَ قَوْلَهُ: {سَنَةَ اللَّهِ} [الأحزاب: 38] عَلَى مَعْنَى: حَقًّا مِنَ اللَّهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَعَلْنَا ذَلِكَ سَنَةً مِنَّا
§وَقَوْلُهُ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] يَقُولُ: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَضَاءً مَقْضِيًّا
وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] " إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِمَهُ مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا، فَأَتَمَّهُ فِي عِلْمِهُ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقًا، وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، وَيَجْعَلَ ثَوَابًا لِأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَعِقَابًا لِأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ؛ فَلَمَّا ائْتَمَرَ ذَلِكَ الْأَمْرَ قَدَّرَهُ،
الصفحة 119