كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 19)

، " {§وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] قَالَ: ظُنُونًا مُخْتَلِفَةً: ظَنَّ الْمُنَافِقُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ يُسْتَأْصَلُونَ وَأَيْقَنَ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّ مَا وَعَدَّهُمُ اللَّهُ حَقٌّ أَنَّهُ سَيُظْهِرُهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ". وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ، وَبَعْضِ الْكُوفِيِّينَ {الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10] بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَكَذَلِكَ {وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} [الأحزاب: 66] ، {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب: 67] فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ؛ وَكَانَ اعْتِلَالُ الْمُعْتَلِّ فِي ذَلِكَ لَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَصَاحِفِ الْمُسْلِمِينَ بِإِثْبَاتِ الْأَلْفِ فِي هَذِهِ الْأَحْرُفِ كُلِّهَا. وَكَانَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ يُثْبِتُ الْأَلِفَ فِيهِنَّ فِي الْوَقْفِ وَيَحْذِفُهَا فِي الْوَصْلِ اعْتِلَالًا بِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي قَوَافِي الشِّعْرِ وَمَصَارِيعِهَ، فَتُلْحِقُ الْأَلِفَ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ لِلْوُقُوفِ وَلَا تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي حَشْوِ الْأَبْيَاتِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْرُفَ حَسَنٌ فِيهَا إِثْبَاتُ الْأَلِفَاتِ لِأَنَّهُنَّ رُءُوسُ الْآيِ تَمْثِيلًا لَهَا بِالْقَوَافِي. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ مِنْ جَمِيعِهِ فِي الْوَقْفِ وَالْوَصْلِ اعْتِلَالًا بِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَّا فِي قَوَافِي الشِّعْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ كَلَامِهِمْ، وَأَنَّهَا إِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْقَوَافِي طَلَبًا لِإِتْمَامِ وَزْنِ الشِّعْرِ، إِذْ لَوْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ الشِّعْرُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ يُضْطَرُّهُمْ إِلَى ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ، وَقَالُوا: هُنَّ مَعَ ذَلِكَ فِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَاتِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَةُ مِنْ قَرَأَهُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ فِي

الصفحة 36