كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 19)
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ " {§وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 16] قَالَ: الْأَجَلُ ". وَرُفِعَ قَوْلُهُ {تُمَتَّعُونَ} [الأحزاب: 16] وَلَمْ يُنْصَبْ بِإِذَنْ، لِلْوَاوِ الَّتِي مَعَهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَبْلَهَا وَاوٌ كَانَ مَعْنَى إِذًا التَّأْخِيرُ بَعْدَ الْفِعْلِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَلَوْ فَرُّوا لَا يُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا إِذًا، وَقَدْ يُنْصَبُ بِهَا أَحْيَانًا، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَاوٌ، لِأَنَّ الْفِعْلَ مَتْرُوكٌ، فَكَأَنَّهَا لَأَوَّلِ الْكَلَامِ.
§قَوْلُهُ {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب: 17] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَيَقُولُونَ {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13] هَرَبًا مِنَ الْقَتْلِ: مَنْ ذَا الَّذِي يَمْنَعُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ هُوَ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا فِي أَنْفُسِكِمْ مِنْ قَتْلٍ أَوْ بَلَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ عَافِيَةٍ وَسَلَامَةٍ؟ وَهَلْ مَا يَكُونُ بِكُمْ فِي أَنْفُسِكِمْ مِنْ سُوءٍ أَوْ رَحْمَةٍ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِ؟ كَمَا:
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثني يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، " {§قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب: 17] أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ إِلَّا مَا قَضَيْتُ "
§وَقَوْلُهُ {وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء: 173] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا يَجِدُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ سُوءًا فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا يَلِيهِمْ بِالْكِفَايَةِ وَلَا نَصِيرًا يَنْصُرُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَيَدْفَعُ عَنْهُمْ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ مِنْ -[50]- سُوءِ ذَلِكَ.
الصفحة 49