كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 19)
يَعْنِي: مَنِيَّتَهُ وَنَفْسَهُ؛ وَمِنْهَا الْخَطَرُ الْعَظِيمُ، كَمَا قَالَ جَرِيرٌ:
[البحر الطويل]
بِطَخْفَةَ جَالَدْنَا الْمُلُوكَ وَخَيْلُنَا ... عَشِيَّةَ بِسْطَامٍ جَرَيْنَ عَلَى نَحْبِ
أَيْ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ؛ وَمِنْهَا النَّحِيبُ، يُقَالُ: نَحَبَ فِي سَيْرِهِ يَوْمَهُ أَجْمَعَ: إِذَا مَدَّ فَلَمْ يَنْزِلْ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ؛ وَمِنْهَا التَّنْحِيبُ، وَهُوَ الْخَطَارُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
وَإِذْ نَحَّبَتْ كَلْبٌ عَلَى النَّاسِ أَيُّهُمْ ... أَحَقُّ بِتَاجِ الْمَاجِدِ الْمُتَكَرِّمِ؟
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثني يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، " {§مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] أَيْ وَفَّوُا اللَّهَ بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] أَيْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ، وَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، كَمَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَدْرٍ وَيَوْمَ أُحُدٍ {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23] مَا وَعَدَ اللَّهُ مِنْ نَصْرِهِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، " {§فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] قَالَ: عَهْدَهُ فَقُتِلَ أَوْ عَاشَ {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23]-[63]- يَوْمًا فِيهِ جِهَادٌ، فَيَقْضِيَ نَحْبَهُ عَهْدَهُ، فَيُقْتَلُ أَوْ يَصْدُقُ فِي لِقَائِهِ "
الصفحة 62