كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 19)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: " {§مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ضَرَبَ لَهُ مَثَلًا يَقُولُ: لَيْسَ ابْنُ رَجُلٍ آخَرَ ابْنَكَ ". وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ تَكْذِيبٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلَ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي جَوْفِهِ قَلْبَانِ يَعْقِلُ بِهِمَا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَكْذِيبًا مِنَ اللَّهِ لِمَنْ وَصَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا لِمَنْ سَمَّى الْقُرَشِيَّ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ سُمِّيَ ذَا الْقَلْبَيْنِ مِنْ دَهْيِهِ، وَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ فَهُوَ نَفْي مِنَ اللَّهِ عَنْ خَلْقِهِ مِنَ الرِّجَالِ أَنْ يَكُونُوا بِتِلْكَ الصِّفَةِ.
§وَقَوْلُهُ: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} [الأحزاب: 4] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ أَيُّهَا الرِّجَالُ نِسَاءَكُمُ اللَّائِي تَقُولُونَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيْنَا كَظُهُورِ أُمَّهَاتِنَا أُمَّهَاتِكُمْ، بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِكُمْ كَذِبًا وَأَلْزَمَكُمْ عُقُوبَةً لَكُمْ، كَفَّارَةً. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 9