كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 19)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ {§وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] قَالَ: " الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى: مَا بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ " وَقَالَ آخَرُونَ: ذَلِكَ مَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَكَمِ {§وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] قَالَ: " وَكَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ ثَمَانِ مِائَةِ سَنَةٍ، فَكَانَ نِسَاؤُهُمْ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ مِنَ النِّسَاءِ، وَرِجَالُهُمْ حِسَانٌ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ الرَّجُلَ عَلَى نَفْسِهِ، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي ابْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْفُرَاتِ، قَالَ: ثنا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {§وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] قَالَ: " كَانَ فِيمَا بَيْنَ نُوحٍ وَإِدْرِيسَ، وَكَانَتْ أَلْفَ سَنَةٍ؛ وَإِنَّ بَطْنَيْنِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُ السَّهْلَ، وَالْآخَرُ يَسْكُنُ الْجَبَلَ، وَكَانَ رِجَالُ الْجَبَلِ صُبَاحًا، وَفِي النِّسَاءِ دَمَامَةٌ، وَكَانَ نِسَاءُ السَّهْلِ -[99]- صُبَاحًا، وَفِي الرِّجَالِ دَمَامَةٌ، وَإِنَّ إِبْلِيسَ أَتَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّهْلِ فِي صُورَةِ غُلَامٍ، فَأَجَرَ نَفْسَهُ مِنْهُ، وَكَانَ يَخْدُمُهُ، وَاتَّخَذَ إِبْلِيسُ شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ الَّذِي يَزْمُرُ فِيهِ الرِّعَاءُ، فَجَاءَ فِيهِ بِصوْتٍ لَمْ يُسْمَعْ مِثْلُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مَنْ حَوْلُهُمْ، فَانْتَابُوهُمْ يَسْمَعُونَ إِلَيْهِ، وَاتَّخَذُوا عِيدًا يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ فِي السَّنَةِ، فَيَتَبَرَّجُ الرِّجَالُ لِلنِّسَاءِ. قَالَ: وَيَتَزَيَّنُ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ، وَإِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي عِيدِهِمْ ذَلِكَ، فَرَأَى النِّسَاءَ، فَأَتَى أَصْحَابَهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، فَتَحَوَّلُوا إِلَيْهِنَّ، فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ، فَظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِيهِنَّ، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَهَى نِسَاءَ النَّبِيِّ أَنْ يَتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ آدَمَ وَعِيسَى، فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَامِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَفِي الْإِسْلَامِ جَاهِلِيَّةٌ حَتَّى يُقَالُ: عَنَى بِقَوْلِهِ {الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] الَّتِي قَبْلَ الْإِسْلَامِ؟ قِيلَ: فِيهِ أَخْلَاقٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ
الصفحة 98