كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 20)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص: 7] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَانْطَلَقَ الْأَشْرَافُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، الْقَائِلِينَ: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: 5] بِأَنِ امْضُوا فَاصْبِرُوا عَلَى دِينِكُمْ وَعِبَادَةِ آلِهَتِكُمْ فَأَنْ مِنْ قَوْلِهِ: {أَنِ امْشُوا} [ص: 6] فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ يَتَعَلَّقُ انْطَلِقُوا بِهَا، كَأَنَّهُ قِيلَ: انْطَلِقُوا مَشْيًا وَمُضِيًّا عَلَى دِينِكُمْ وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ يَمْشُونَ أَنِ اصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ» وَذُكِرَ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ كَانَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {§وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} [ص: 6] قَالَ: «عُقْبَةُ بْنُ أَبَى مُعَيْطٍ»
§وَقَوْلُهُ: {إِنْ هَذَا لِشَيْءٌ يُرَادُ} [ص: 6] أَيْ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي يَقُولُ مُحَمَّدٌ، وَيَدْعُونَا إِلَيْهِ، مِنْ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، شَيْءٌ يُرِيدُهُ مِنَّا مُحَمَّدٌ يَطْلُبُ بِهِ الِاسْتِعْلَاءَ عَلَيْنَا، وَأَنْ نَكُونَ لَهُ فِيهِ أَتْبَاعًا وَلَسْنَا مُجِيبِيهِ إِلَى ذَلِكَ
§وَقَوْلُهُ: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} [ص: 7] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الْآلِهَةِ إِلَّا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَبِهَذَا الْكِتَابُ الَّذِي جَاءَ بِهِ فِي الْمِلَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ، قَالُوا: وَهِيَ الْمِلَّةُ الْآخِرَةُ

الصفحة 21