كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 20)

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى؛ وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} [ص: 7] قَالَ: «مِلَّةِ قُرَيْشٍ»
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} [ص: 7] «أَيْ فِي دِينِنَا هَذَا، وَلَا فِي زَمَانِنَا قَطُّ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} [ص: 7] قَالَ: " الْمِلَّةُ الْآخِرَةُ: الدِّينُ الْآخَرُ قَالَ: وَالْمِلَّةُ الدِّينُ " وَقِيلَ: إِنَّ الْمَلَأَ الَّذِينَ انْطَلَقُوا نَفَرٌ مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ، مِنْهُمْ أَبُو جَهْلٍ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، أَنَّ أُنَاسًا مِنْ قُرَيْشِ اجْتَمَعُوا، فِيهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فِي نَفَرٍ مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَبِي طَالِبٍ، فَلْنُكَلِّمْهُ فِيهِ، فَلْيُنْصِفْنَا مِنْهُ، فَيَأْمُرُهُ فَلْيَكُفَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا، وَنَدَعُهُ وَإلَهَهُ الَّذِي يَعْبُدُ، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَمُوتَ هَذَا الشَّيْخُ، فَيَكُونُ مِنَّا شَيْءٌ، فَتُعَيِّرُنَا الْعَرَبُ فَيَقُولُونَ: تَرَكُوهُ حَتَّى إِذَا مَاتَ عَمُّهُ تَنَاوَلُوهُ، قَالَ: فَبَعَثُوا رَجُلًا مِنْهُمْ يُدْعَى الْمُطَّلِبُ، فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ عَلَى أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ -[24]- مَشْيَخَةُ قَوْمِكَ وَسَرَوَاتُهُمْ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ، قَالَ: أَدْخِلْهُمْ؛ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ أَنْتَ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا، فَأَنْصَفْنَا مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَمُرْهُ فَلْيَكُفَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا، وَنَدَعُهُ وَإلَهَهُ؛ قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ؛ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي هَؤُلَاءِ مَشْيَخَةُ قَوْمِكَ وَسَرَوَاتُهُمْ، وَقَدْ سَأَلُوكَ النَّصَفَ أَنْ تَكُفَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِهِمْ، وَيَدَعُوكَ وَإِلَهَكَ؛ قَالَ: فَقَالَ: «أَيْ عَمِّ أَوَلَا أَدْعُوهُمْ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهَا؟» قَالَ: وَإِلَامَ تَدْعُوهُمْ؟ قَالَ: «§أَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلِمَةٍ تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَيَمْلِكُونَ بِهَا الْعَجَمُ» ؛ قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ: مَا هِيَ وَأَبِيكَ لِنُعْطِيَنَّكَهَا وَعَشْرَ أَمْثَالِهَا، قَالَ: «تَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» قَالَ: فَنَفَرُوا وَقَالُوا: سَلْنَا غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: «وَلَوْ جِئْتُمُونِي بِالشَّمْسِ حَتَّى تَضَعُوهَا فِي يَدِي مَا سَأَلْتُكُمْ غَيْرَهَا» ؛ قَالَ: فَغَضِبُوا وَقَامُوا مِنْ عِنْدِهِ غِضَابًا وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنَشْتُمَنَّكَ وَالَّذِي يَأْمُرُكَ بِهَذَا {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لِشَيْءٌ يُرَادُ} [ص: 6] . . إِلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص: 7] وَأَقْبَلَ عَلَى عَمِّهِ، فَقَالَ لَهُ عَمُّهُ: يَا ابْنَ أَخِي مَا شَطَطْتَ عَلَيْهِمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَمِّهِ فَدَعَاهُ، فَقَالَ: " قُلْ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعِيبَكُمْ بِهَا الْعَرَبُ يَقُولُونَ جَزَعَ مِنَ الْمَوْتِ لَأَعْطَيْتُكَهَا، وَلَكِنْ عَلَى مِلَّةِ الْأَشْيَاخِ؛ قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]

الصفحة 23