كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 20)

§قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 32] كَمَا قَسَمَ بَيْنَهُمْ صُوَرَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ تَبَارَكَ رَبُّنَا وَتَعَالَى
§وَقَوْلُهُ: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] يَقُولُ: لِيَسْتَسْخِرَ هَذَا هَذَا فِي خِدْمَتِهِ إِيَّاهُ، وَفِي عَوْدِ هَذَا عَلَى هَذَا بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ فَضْلٍ، يَقُولُ: جَعَلَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بَعْضًا لِبَعْضٍ سَبَبًا فِي الْمَعَاشِ فِي الدُّنْيَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ مَا قُلْنَا فِيهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: ثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: {§لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] قَالَ: «يَسْتَخْدِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي السُّخْرَةِ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] قَالَ: " هُمْ بَنُو آدَمَ جَمِيعًا قَالَ: وَهَذَا عَبْدُ هَذَا، وَرَفَعَ هَذَا عَلَى هَذَا دَرَجةً، فَهُوَ يُسَخِّرُهُ بِالْعَمَلِ، يَسْتَعْمِلُهُ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: سَخَّرَ فُلَانٌ فُلَانًا " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ: لِيَمْلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا

الصفحة 585