كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 20)
إِلَى الِاسْتِنَانِ فِي الصَّبْرِ عَلَيْهِمْ بِسُنَنِ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَإِخْبَارٌ مِنْهُ لَهُ أَنَّ عُقْبَى مَرَدَتِهِمْ إِلَى الْبَوَارِ وَالْهَلَاكِ كَسُنَّتِهِ فِي الْمُتَمَرِّدِينَ عَلَيْهِ قَبْلَهُمْ، وَإِظْفَارِهِ بِهِمْ، وَإِعْلِائِهِ أَمْرَهُ، كَالَّذِي فَعَلَ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَوْمِهِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ مِنْ إِظْهَارِهِمْ عَلَى فِرْعَوْنَ وَمَلِئِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 48] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا نُرِي فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ آيَةً، يَعْنِي: حُجَّتَهُ لَنَا عَلَيْهِ بِحَقِيقَةِ مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهِ رَسُولُنَا مُوسَى {إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: 48] يَقُولُ: إِلَّا الَّتِي نُرِيهِ مِنْ ذَلِكَ أَعْظَمُ فِي الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَأَوْكَدُ مِنَ الَّتِي مَضَتْ قَبْلَهَا مِنَ الْآيَاتِ، وَأَدَلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ مُوسَى مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ
§وَقَوْلُهُ: {وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} [الزخرف: 48] يَقُولُ: وَأَنْزَلْنَا بِهِمُ الْعَذَابَ، وَذَلِكَ كَأَخْذِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِيَّاهُمْ بِالسِّنِينَ، وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ، وَبِالْجَرَادِ، وَالْقُمَّلِ، وَالضَّفَادِعِ، وَالدَّمِ
§وَقَوْلُهُ: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران: 72] يَقُولُ: لِيَرْجِعُوا عَنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ إِلَى تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، وَالتَّوْبَةِ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنْ مَعَاصِيهِمْ
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {§وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 48] «أَيْ يَتُوبُونَ، أَوْ يَذْكُرُونَ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ -[609]- إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الزخرف: 50] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ لِمُوسَى: {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} [الزخرف: 49] وَعَنَوْا بِقَوْلِهِمْ {بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} [الأعراف: 134] : بِعَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْكَ أَنَّا إِنْ آمَنَّا بِكَ وَاتَّبَعْنَاكَ، كُشِفَ عَنَّا الرِّجْزُ
الصفحة 608