كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 20)
§وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الزخرف: 50] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَلَمَّا رَفَعْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ الَّذِي أَنْزَلْنَا بِهِمْ، الَّذِي وَعَدُوا أَنَّهُمْ إِنْ كُشِفَ عَنْهُمُ اهْتَدَوْا لِسَبِيلِ الْحَقِّ، إِذَا هُمْ بَعْدَ كَشْفِنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ يَنْكُثُونَ الْعَهْدَ الَّذِي عَاهَدُونَا: يَقُولُ: يَغْدِرُونَ وَيُصِرُّونَ عَلَى ضَلَالِهِمْ، وَيَتَمَادَوْنَ فِي غَيِّهِمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الأعراف: 135] «أَيْ يَغْدِرُونَ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ} [الزخرف: 51] مِنَ الْقِبْطِ، فَـ {قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51] مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ فِي الْجِنَّانِ
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51] قَالَ: «كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتٌ وَأَنْهَارُ مَاءٍ»
§وَقَوْلُهُ: {أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص: 72] يَقُولُ: أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَيُّهَا الْقَوْمُ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ -[611]- النَّعِيمِ وَالْخَيْرِ، وَمَا فِيهِ مُوسَى مِنَ الْفَقْرِ وَعِيِّ اللِّسَانِ، افْتَخَرَ بِمُلْكِهِ مِصْرَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَمَا قَدْ مُكِّنَ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا اسْتِدْرَاجًا مِنَ اللَّهِ لَهُ، وَحَسِبَ أَنَّ الَّذِيَ هُوَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ نَالَهُ بِيَدِهِ وَحَوْلَهُ، وَأَنَّ مُوسَى إِنَّمَا لَمْ يُصَلِ إِلَى الَّذِي يَصِفُهُ، فَنَسَبَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ إِلَى الْمَهَانَةِ مُحْتَجًّا عَلَى جَهَلِةِ قَوْمِهِ بِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ كَانَ مُحِقًّا فِيمَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالْعِبَرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ سِحْرًا، لِأَكْسِبَ نَفْسَهُ مِنَ الْمُلْكِ وَالنِّعْمَةِ، مِثْلَ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ جَهْلًا بِاللَّهِ وَاغْتِرَارًا مِنْهُ بِإِمْلَائِهِ إِيَّاهُ
الصفحة 610