كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 20)
§وَقَوْلُهُ: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الزخرف: 68] وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ اسْتُغْنِيَ بِدِلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينِ، فَإِنَّهُمْ يُقَالُ لَهُمْ: يَا عِبَادِي لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ مِنْ عِقَابِي، فَإِنِّي قَدْ أَمَّنْتُكُمْ مِنْهُ بِرِضَايَ عَنْكُمْ، وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ عَلَى فِرَاقِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الَّذِي قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا فَارَقْتُمُوهُ مِنْهَا وَذُكِرَ أَنَّ النَّاسَ يُنَادَوْنَ هَذَا النِّدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَطْمَعُ فِيهَا مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يَسْمَعَ قَوْلَهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} [الزخرف: 69] فَيَيْأَسُ مِنْهَا عِنْدَ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَّ " §النَّاسَ حِينَ يُبْعَثُونَ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا فَزِعَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا عِبَادَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ، فَيَرْجُوهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ قَالَ: فَيَتْبَعُهَا {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} [الزخرف: 69] قَالَ: فَيَيْأَسُ النَّاسُ مِنْهَا غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 70] وَقَوْلُهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا} [الزخرف: 69] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا -[642]- وَهُمُ الَّذِينَ صَدَّقُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَعَمِلُوا بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُمْ، وَكَانُوا مُسْلِمِينَ، يَقُولُ: وَكَانُوا أَهْلَ خُضُوعٍ لِلَّهِ بِقُلُوبِهِمْ، وَقَبُولٍ مِنْهُمْ لِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حُنَفَاءَ لَا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى، وَلَا أَهْلَ أَوْثَانٍ
الصفحة 641