كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

سَقَطَتِ الْفَاءُ الَّتِي هِيَ جَوَابُ أَمَّا
§وَقَوْلُهُ: {فَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الجاثية: 31] يَقُولُ: فَاسْتَكْبَرْتُمْ عَنِ اسْتِمَاعِهَا وَالْإِيمَانِ بِهَا {وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ} [الجاثية: 31] يَقُولُ: وَكُنْتُمْ قَوْمًا تَكْسِبُونَ الْآثَامَ وَالْكُفْرَ بِاللَّهِ، لَا تُصَدِّقُونَ بِمَعَادٍ، وَلَا تُؤْمِنُونَ بِثَوَابٍ وَلَا عِقَابٍ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعَدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيُقَالُ لَهُمْ حِينَئِذٍ: {وَإِذَا قِيلَ} [البقرة: 11] لَكُمْ {إِنَّ وَعَدَ اللَّهِ} [يونس: 55] الَّذِي وَعَدَ عِبَادَهُ، أَنَّهُ مُحْيِيهِمْ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِمْ، وَبَاعِثُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ {حَقٌّ وَالسَّاعَةُ} [الجاثية: 32] الَّتِي أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُقِيمُهَا لِحَشْرِهِمْ، وَجَمْعِهِمْ لِلْحِسَابِ وَالثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَالْعِقَابِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، آتِيَةٌ {لَا رَيْبَ فِيهَا} [الكهف: 21] يَقُولُ: لَا شَكَّ فِيهَا، يَعْنِي فِي السَّاعَةِ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: {فِيهَا} [البقرة: 25] مِنْ ذِكْرِ السَّاعَةِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِي قِيَامِهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاعْمَلُوا لِمَا يُنْجِيكُمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ فِيهَا {قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ} [الجاثية: 32] تَكْذِيبًا مِنْكُمْ بِوَعْدِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، وَرَدًّا لِخَبَرِهِ، وَإِنْكَارًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إِحْيَائِكُمْ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِكُمْ
§وَقَوْلُهُ: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} [الجاثية: 32] يَقُولُ: وَقُلْتُمْ مَا نَظُنُّ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ إِلَّا ظَنًّا {وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32] أَنَّهَا جَائِيَةٌ، وَلَا أَنَّهَا كَائِنَةٌ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا} [الجاثية: 32] فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّةُ -[108]- قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَ {السَّاعَةُ} [الأنعام: 31] رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَ (السَّاعَةَ) نَصْبًا عَطْفًا بِهَا عَلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [يونس: 55] وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَةِ الْأَمْصَارِ صَحِيحَتَا الْمَخْرَجِ فِي الْعَرَبِيَّةِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ

الصفحة 107