كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الأحقاف: 8] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْ يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ قُرَيْشٍ افْتَرَى مُحَمَّدٌ هَذَا الْقُرْآنَ، فَاخْتَلَقَهُ وَتَخَرَّصَهُ كَذِبًا، قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِنِ افْتَرَيْتُهُ وَتَخَرَّصْتُهُ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا {فَلَا تَمْلِكُونَ لِي} [الأحقاف: 8] يَقُولُ: فَلَا تُغْنُونَ عَنِّي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَاقَبَنِي عَلَى افْتِرَائِي إِيَّاهُ، وَتَخَرُّصِي عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَدْفَعُوا عَنِّي سُوءًا إِنْ أَصَابَنِي بِهِ
§وَقَوْلُهُ: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} [الأحقاف: 8] يَقُولُ: رَبِّي أَعْلَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ بِمَا تَقُولُونَ بَيْنَكُمْ فِي هَذَا الْقُرْآنِ، وَالْهَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: {تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] مِنْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61] قَالَ: «تَقُولُونَ»
§وَقَوْلُهُ: {كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأحقاف: 8] يَقُولُ: كَفَى بِاللَّهِ شَاهِدًا عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ بِمَا تَقُولُونَ مِنْ تَكْذِيبِكُمْ لِي فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ لَهُمْ، بِأَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ مِنْهَا

الصفحة 118