كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] الشَّاهِدُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَكَانَ مِنَ الْأَحْبَارِ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ، فَأَتَوْهُ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: «§أَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ تَجِدُونَنِي مَكْتُوبًا عِنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ؟» قَالُوا: لَا نَعْلَمُ مَا تَقُولُ، وَإِنَّا بِمَا جِئْتَ بِهِ كَافِرُونَ، فَقَالَ: «أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ عِنْدَكُمْ» ؟ قَالُوا: عَالِمُنَا وَخَيْرُنَا، قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ بِهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، فَجَاءَهُ فَقَالَ: «مَا شَهَادَتُكَ يَا ابْنَ سَلَامٍ؟» قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ كِتَابَكَ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَآمَنَ وَكَفَرُوا، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: 10] "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَنْ يُسْلِمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمَتِ الْيَهُودُ أَنِّي مِنْ عُلَمَائِهِمْ، وَأَنَّ أَبِي كَانَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُمْ يَجِدُونَكَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، فَأَرْسِلْ إِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَمَنْ سَمَّاهُ مِنَ الْيَهُودِ، وَأَخْبِئْنِي فِي بَيْتِكَ، وَسَلْهُمْ عَنِّي، وَعَنْ أَبِي، فَإِنَّهُمْ سَيُحَدِّثُونَكَ أَنِّي أَعْلَمُهُمْ، وَأَنَّ أَبِي مِنْ أَعْلَمِهِمْ، وَإِنِّي سَأَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، فَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُمْ يَجِدُونَكَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَأَنَّكَ بُعِثْتَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، قَالَ: فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَبَّأَهُ فِي بَيْتِهِ وَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فِيكُمْ؟» قَالُوا: أَعْلَمُنَا نَفْسًا وَأَعْلَمُنَا أَبًا فَقَالَ -[130]- رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ تُسْلِمُونَ؟» قَالُوا: لَا يُسْلِمُ، ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَدَعَاهُ فَخَرَجَ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّهُمْ يَجِدُونَكَ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَأَنَّكَ بُعِثْتَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: مَا كُنَّا نَخْشَاكَ عَلَى هَذَا يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، قَالَ: فَخَرَجُوا كُفَّارًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ، فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: 10] "

الصفحة 129