كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {§وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] قَالَ: " قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَائِلُونَ مِنَ النَّاسِ، كَانُوا أَعَزَّ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ هَذَا خَيْرًا مَا سَبَقَنَا إِلَيْهِ بَنُو فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ، يَخْتَصُّ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَيُكْرِمُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى "
§وَقَوْلُهُ: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ} [الأحقاف: 11] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذْ لَمْ يُبْصِرُوا بِمُحَمَّدٍ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْهُدَى، فَيُرْشَدُوا بِهِ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ {فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: 11] يَقُولُ: فَسَيَقُولُونَ هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَاذِيبُ مِنْ أَخْبَارِ الْأَوَّلِينَ قَدِيمَةٌ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْهُمْ، {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بَكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5]
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} [الأحقاف: 12] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِنْ قَبْلِ هَذَا الْكِتَابِ، كِتَابُ مُوسَى، وَهُوَ التَّوْرَاةُ، إِمَامًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْتَمُّونَ بِهِ، وَرَحْمَةً لَهُمْ أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْهِمْ وَخَرَجَ الْكَلَامُ مَخْرَجَ الْخَبَرِ عَنِ الْكِتَابِ بِغَيْرِ ذِكْرِ تَمَامِ الْخَبَرِ اكْتِفَاءً بِدِلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَى تَمَامِهِ؛ وَتَمَامُهُ: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ لِسَانًا عَرَبِيًّا اخْتَلَفَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، وَفِي الْمَعْنَى النَّاصِبِ {لِسَانًا عَرَبِيًّا} [الأحقاف: 12] أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ،

الصفحة 133