كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِمَّا فِي مُصَدِّقٌ مِنْ ذِكْرِ الْكِتَابِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: {مُصَدِّقٌ} [البقرة: 89] فِعْلٌ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ: وَهَذَا الْقُرْآنُ يُصَدِّقُ كِتَابَ مُوسَى بِأَنَّ مُحَمَّدًا نَبِيُّ مُرْسَلٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا
§وَقَوْلُهُ: {لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأحقاف: 12] يَقُولُ: لِيُنْذِرَ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَى مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ بِعِبَادَتِهِمْ غَيْرَهُ
§وَقَوْلُهُ: {وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} [الأحقاف: 12] يَقُولُ: وَهُوَ بُشْرَى لِلَّذِينَ أَطَاعُوا اللَّهَ فَأَحْسَنُوا فِي إِيمَانِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا، فَحَسُنَ الْجَزَاءُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَلَى طَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ وَفِي قَوْلِهِ: {وَبُشْرَى} [البقرة: 97] وَجْهَانِ مِنَ الْإِعْرَابِ: الرَّفْعُ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى الْكِتَابِ بِمَعْنَى: وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ وَالنَّصْبُ عَلَى مَعْنَى: لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَيُبَشِّرَ، فَإِذَا جُعِلَ مَكَانَ يُبَشِّرُ وَبُشْرَى أَوْ وَبِشَارَةٌ، نَصَبْتَ كَمَا تَقُولُ أَتَيْتُكَ لِأَزُورَكَ وَكَرَامَةً لَكَ، وَقَضَاءً لِحَقِّكَ، بِمَعْنَى لِأَزُورَكَ وَأُكْرِمَكَ، وَأَقْضِيَ حَقَّكَ، فَتَنْصِبُ الْكَرَامَةَ وَالْقَضَاءَ بِمَعْنًى مُضْمَرٍ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ {لِيُنْذِرَ} [الكهف: 2] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ (لِتُنْذِرَ) بِالتَّاءِ بِمَعْنَى: لِتُنْذِرَ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْعِرَاقِ بِالْيَاءِ بِمَعْنَى: لِيُنْذِرَ الْكِتَابُ، وَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ ذَلِكَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ

الصفحة 135