كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [فصلت: 30] الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30] عَلَى تَصْدِيقِهِمْ بِذَلِكَ فَلَمْ يَخْلِطُوهُ بِشِرْكٍ، وَلَمْ يُخَالِفُوا اللَّهَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 38] مِنْ فَزَعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهِ {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38] عَلَى مَا خَلَّفُوا وَرَاءَهُمْ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ
§وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [البقرة: 82] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ، وَاسْتَقَامُوا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَسُكَّانُهَا {خَالِدِينَ فِيهَا} [البقرة: 162] يَقُولُ: مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] يَقُولُ: ثَوَابًا مِنَّا لَهُمْ آتَيْنَاهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ الَّتِي كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَعْمَلُونَهَا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَوَصَّيْنَا ابْنَ آدَمَ بِوَالِدَيْهِ الْحُسْنَ فِي صُحْبَتِهِ إِيَّاهُمَا أَيَّامَ حَيَاتِهِمَا، وَالْبِرَّ بِهِمَا فِي حَيَاتِهِمَا وَبَعْدَ مَمَاتِهِمَا. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {إِحْسَانًا} [البقرة: 83] فَقَرَأُتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ (حُسْنًا) بِضَمِّ الْحَاءِ عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي وَصَفْتُ

الصفحة 136