كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ {إِحْسَانًا} [البقرة: 83] بِالْأَلْفِ، بِمَعْنَى: وَوَصَّيْنَاهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا، وَبِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، لِتَقَارُبِ مَعَانِي ذَلِكَ، وَاسْتِفَاضَةِ الْقِرَاءَةِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي الْقُرَّاءِ
§وَقَوْلُهُ: {حَمَلْتَهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعْتُهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا بِرًّا بِهِمَا، لِمَا كَانَ مِنْهُمَا إِلَيْهِ حَمْلًا وَوَلِيدًا وَنَاشِئًا، ثُمَّ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا لَدَيْهِ مِنْ نِعْمَةِ أُمِّهِ، وَمَا لَاقَتْ مِنْهُ فِي حَالِ حَمْلِهِ وَوَضْعِهِ، وَنَبَّهَهُ عَلَى الْوَاجِبِ لَهَا عَلَيْهِ مِنَ الْبِرِّ، وَاسْتِحْقَاقِهَا عَلَيْهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَجَمِيلِ الصُّحْبَةِ، فَقَالَ: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ} [لقمان: 14] يَعْنِي فِي بَطْنِهَا كُرْهًا، يَعْنِي مَشَقَّةً، {وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] يَقُولُ: وَوَلَدَتْهُ كُرْهًا يَعْنِي مَشَقَّةً
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] يَقُولُ: «حَمَلَتْهُ مَشَقَّةً، وَوَضَعَتْهُ مَشَقَّةً»
حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {§حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] قَالَا: «حَمَلَتْهُ فِي مَشَقَّةٍ، وَوَضَعَتْهُ فِي مَشَقَّةٍ»
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {§حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] قَالَ: «مَشَقَّةً عَلَيْهَا» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {كُرْهًا} [النساء: 19] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ -[138]- وَالْبَصْرَةِ (كَرْهًا) بِفَتْحِ الْكَافِ وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ {كُرْهًا} [النساء: 19] بِضَمِّهَا، وَقَدْ بَيَّنْتُ اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ قَبْلُ إِذَا فُتِحَ وَإِذَا ضُمَّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ

الصفحة 137