كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

مَا: حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} [الأحقاف: 15] قَالَ: «اجْعَلْنِي أَشْكُرُ نِعْمَتَكَ» وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {رَبِّ أَوْزِعْنِي} [الأحقاف: 15] وَإِنْ كَانَ يُؤَوَّلُ إِلَيْهِ مَعْنَى الْكَلِمَةِ، فَلَيْسَ بِمَعْنَى الْإِيزَاعِ عَلَى الصِّحَّةِ
§وَقَوْلُهُ: {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} [النمل: 19] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوْزِعْنِي أَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي تَرْضَاهَا، وَذَلِكَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
§وَقَوْلُهُ: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} [الأحقاف: 15] يَقُولُ: وَأَصْلِحْ لِي أُمُورِي فِي ذُرِّيَّتِي الَّذِينَ وهَبْتُهُمْ، بِأَنْ تَجْعَلَهُمْ هُدَاةً لِلْإِيمَانِ بِكَ، وَاتِّبَاعِ مَرْضَاتِكَ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِكَ، فَوَصَّاهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْبِرِّ بِالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
§وَقَوْلُهُ: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ هَذَا الْإِنْسَانِ {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ} [الأحقاف: 15] يَقُولُ: تُبْتُ مِنْ ذُنُوبِي الَّتِي سَلَفَتْ مِنِّي فِي سَالِفِ أَيَامَى إِلَيْكَ. {وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15] يَقُولُ: وَإِنِّي مِنَ الْخَاضِعِينَ لَكَ بِالطَّاعَةِ، الْمُسْتَسْلِمِينَ لِأَمْرِكَ وَنَهْيِكَ، الْمُنْقَادِينَ لِحُكْمِكَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: 16]-[142]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ الصِّفَةُ صِفَتُهُمْ، هُمُ الَّذِينَ يُتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنُ مَا عَمِلُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ صَالِحَاتِ الْأَعْمَالِ، فَيُجَازِيهِمْ بِهِ، وَيُثِيبُهُمْ عَلَيْهِ {وَيَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} يَقُولُ: وَيَصْفَحُ لَهُمْ عَنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا، فَلَا يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهَا {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} [الأحقاف: 16] يَقُولُ: نَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ فِعْلَنَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِهَا الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا

الصفحة 141