كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ مَكَنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزءُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ: وَلَقَدْ مَكَّنَّا أَيُّهَا الْقَوْمُ عَادًا الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ بِكُفْرِهِمْ فِيمَا لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَعْطَيْنَاهُمْ مِنْهَا الَّذِي لَمْ نُعْطِكُمْ مِنْهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْوَالِ، وَبَسْطَةِ الْأَجْسَامِ، وَشِدَّةِ الْأَبْدَانِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنِي أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {§وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} [الأحقاف: 26] يَقُولُ: «لَمْ نُمَكِّنْكُمْ»
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {§وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ} [الأحقاف: 26] : «أَنْبَأَكُمْ أَنَّهُ أَعْطَى الْقَوْمَ مَا لَمْ يُعْطِكُمْ»
§وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا} [الأحقاف: 26] يَسْمَعُونَ بِهِ مَوَاعِظَ رَبِّهِمْ، وَأَبْصَارًا يُبْصِرُونَ بِهَا حُجَجَ اللَّهِ، وَأَفْئِدَةً يَعْقِلُونَ بِهَا مَا يَضُرُّهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأحقاف: 26] يَقُولُ: فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ مَا أَعْطَاهُمْ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْفُؤَادِ إِذْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا أُعْطُوهَا لَهُ، وَلَمْ يُعْمِلُوهَا فِيمَا يُنْجِيهِمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوهَا فِيمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْ سَخَطِهِ {إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللهِ} [الأحقاف: 26] يَقُولُ: إِذْ كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَهُمْ رُسُلُهُ، وَيُنْكِرُونَ نُبُوَّتَهُمْ {وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الزمر: 48] يَقُولُ: وَعَادَ عَلَيْهِمْ مَا

الصفحة 160