كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

وَكَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا هَوْذَةُ، قَالَ: ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {§وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] قَالَ: مَا شَعَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءُوا، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ فِيهِمْ، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أُمِرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَأَنَّهُمْ جُمِعُوا لَهُ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ اللَّهُ إِلَيْهِ بِإِنْذَارِهِمْ، وَأَمَرَهُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُمْ صُرِفُوا إِلَيْهِ مِنْ نِينَوَى، قَالَ: فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنِّي §أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الْجِنِّ، فَأَيُّكُمْ يَتَّبِعُنِي؟» فَأَطْرَقُوا، ثُمَّ اسْتَتْبَعَهُمْ فَأَطْرَقُوا، ثُمَّ اسْتَتْبَعَهُمُ الثَّالِثَةَ فَأَطْرَقُوا "، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَذُو نَدْبَةٍ، فَاتَّبَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِعْبًا يُقَالُ لَهُ شِعْبُ الْحَجُونِ قَالَ: وَخَطَّ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ خَطًّا لِيُثَبِّتَهُ بِهِ، قَالَ: فَجَعَلَتْ تَهْوِي بِي وَأَرَى أَمْثَالَ النُّسُورِ تَمْشِي فِي دُفُوفِهَا، وَسَمِعْتُ -[167]- لَغَطًا شَدِيدًا، حَتَّى خِفْتُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَلَا الْقُرْآنَ؛ فَلَمَّا رَجَعَ نَبِيُّ اللَّهِ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا اللَّغَطُ الَّذِي سَمِعْتُ؟ قَالَ: «اجْتَمَعُوا إِلَيَّ فِي قَتِيلٍ كَانَ بَيْنَهُمْ، فَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ» وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ رَأَى شُيُوخًا شُمْطًا مِنَ الزُّطِّ، فَرَاعُوهُ، قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: هَؤُلَاءِ نَفَرٌ مِنَ الْأَعَاجِمِ، قَالَ: مَا أُرِيتُ لِلَّذِينَ قَرَأَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ مِنَ الْجِنِّ شَبَهًا أَدْنَى مِنْ هَؤُلَاءِ

الصفحة 166