كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ وَابْنُ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ دَعَا الْجِنَّ، فَخَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «لَا تَخْرُجْ مِنْهُ» ثُمَّ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْجِنِّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: «هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟» قَالَ: سَمِعْتُ لَغَطًا شَدِيدًا، قَالَ: «إِنَّ §الْجِنَّ تَدَارَأَتْ فِي قَتِيلٍ قُتِلَ بَيْنَهَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ» ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ: «كُلُّ عَظْمٍ لَكُمْ عَرْقٌ، وَكُلُّ رَوْثٍ لَكُمْ خَضِرَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُقَذِّرُهَا النَّاسُ عَلَيْنَا، فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَنْجَى بِأَحَدِهِمَا " فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْكُوفَةَ رَأَى الزُّطَّ، وَهُمْ قَوْمٌ طُوَالٌ سُودٌ، فَأَفْزَعُوهُ، فَقَالَ: أَظَهَرُوا؟ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنَ الزُّطِّ، فَقَالَ: مَا أَشْبَهَهُمْ بِالنَّفَرِ الَّذِينَ صُرِفُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: حُدِّثْتُ أَنَّكَ كُنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ وَفْدِ -[168]- الْجِنِّ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا وَقَالَ: «لَا تَبْرَحْ مِنْهَا» ، فَذَكَرَ أَنَّ مِثْلَ الْعَجَاجَةِ السَّوْدَاءِ غَشِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذُعِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصُّبْحِ، أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَنِمْتَ؟» قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ مِرَارًا أَنْ أَسْتَغِيثَ بِالنَّاسِ حَتَّى سَمِعْتُكَ تَقْرَعُهُمْ بِعَصَاكَ تَقُولُ: «اجْلِسُوا» ، قَالَ: «لَوْ خَرَجْتَ لَمْ آمَنْ أَنْ يَخْتَطِفَكَ بَعْضُهُمْ» ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟» قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ رِجَالًا سُودًا مُسْتَشْعِرِي ثِيَابٍ بِيضٍ، قَالَ: «أُولَئِكَ §جِنُّ نَصِيبِينَ، سَأَلُونِي الْمَتَاعَ، وَالْمَتَاعُ الزَّادُ، فَمَتَّعْتُهُمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ أَوْ بَعْرَةٍ أَوْ رَوْثَةٍ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِي ذَلِكَ عَنْهُمْ؟ قَالَ: «إِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَظْمًا إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ لَحْمَهُ يَوْمَ أُكِلَ، وَلَا رَوْثَةً إِلَّا وَجَدُوا فِيهَا حَبَّهَا يَوْمَ أُكِلَتْ، فَلَا يَسْتَنْقِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ بِعَظْمٍ وَلَا بَعْرَةٍ وَلَا رَوْثَةٍ»

الصفحة 167