كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [الأحقاف: 33] فَيُخْرِجُهُمْ مِنْ بَعْدِ بَلَائِهِمْ فِي قُبُورِهِمْ أَحْيَاءً كَهَيْئَتِهِمْ قَبْلَ وَفَاتِهِمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ دُخُولِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: {بِقَادِرٍ} [يس: 81] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: هَذِهِ الْبَاءُ كَالْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: {كَفَى بِاللَّهِ} [الرعد: 43] وَهُوَ مِثْلُ {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: 20] وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: دَخَلَتْ هَذِهِ الْبَاءُ لِلِمَ؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تُدْخِلُهَا مَعَ الْجُحُودِ إِذَا كَانَتْ رَافِعَةً لِمَا قَبْلَهَا، وَتُدْخِلُهَا إِذَا وَقَعَ عَلَيْهَا فِعْلٌ يَحْتَاجُ إِلَى اسْمَيْنِ مِثْلَ قَوْلِكَ: مَا أَظُنُّكَ بِقَائِمٍ، وَمَا أَظُنُّ أَنَّكَ بِقَائِمٍ، وَمَا كُنْتَ بِقَائِمٍ، فَإِذَا خَلَعَتِ الْبَاءَ نَصَبَتِ الَّذِي كَانَتْ تَعْمَلُ فِيهِ، بِمَا تَعْمَلُ فِيهِ مِنَ الْفِعْلِ، قَالَ: وَلَوْ أُلْقِيَتِ الْبَاءُ مِنْ قَادِرٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ رُفِعَ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ لِأَنَّ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي بَعْضُهُمْ:
فَمَا رَجَعَتْ بِخَائِبَةٍ رِكَابٌ ... حَكِيمُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مُنْتَهَاهَا
فَأَدْخَلَ الْبَاءَ فِي فِعْلٍ لَوْ أُلْقِيَتْ مِنْهُ نُصِبَ بِالْفِعْلِ لَا بِالْبَاءِ، يُقَاسُ عَلَى هَذَا مَا أَشْبَهَهُ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَنْكَرَ قَوْلَ الْبَصْرِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلَهُ: هَذِهِ الْبَاءُ دَخَلَتْ لِلْجَحْدِ، لِأَنَّ الْمَجْحُودَ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ قَدْ حَالَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى» قَالَ: فَأَنْ اسْمُ يَرَوْا وَمَا بَعْدَهَا فِي صِلَتِهَا، وَلَا تَدْخُلُ فِيهِ الْبَاءُ، وَلَكِنْ مَعْنَاهُ جَحْدٌ، فَدَخَلَتْ لِلْمَعَنَى

الصفحة 174