كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§وَقَوْلُهُ: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} [محمد: 4] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي حَرْبٍ، وَشَدِّهِمْ وَثَاقًا بَعْدَ قَهْرِهِمْ، وَأَسْرِهِمْ، وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4] هُوَ الْحَقُّ الَّذِي أَلْزَمَكُمْ رَبُّكُمْ وَلَوْ يَشَاءُ رَبُّكُمْ وَيُرِيدُ لَانْتَصَرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَيَّنَ هَذَا الْحُكْمَ فِيهِمْ بِعُقُوبَةٍ مِنْهُ لَهُمْ عَاجِلَةٍ، وَكَفَاكُمْ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ كَرِهَ الِانْتِصَارَ مِنْهُمْ، وَعُقُوبَتَهُمْ عَاجِلًا إِلَّا بِأَيْدِيكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ {لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [محمد: 4] يَقُولُ: لِيَخْتَبِرَكُمْ بِهِمْ، فَيَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ، وَيَبْلُوهُمْ بِكُمْ، فَيُعَاقِبُ بِأَيْدِيكُمْ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَيَتَّعِظُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ بِمَنْ أَهْلَكَ بِأَيْدِيكُمْ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ حَتَّى يُنِيبَ إِلَى الْحَقِّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} [محمد: 4] «إِي وَاللَّهِ بِجُنُودِهِ الْكَثِيرَةِ، كُلُّ خَلْقِهِ لَهُ جُنْدٌ، وَلَوْ سَلَّطَ أَضْعَفَ خَلْقِهِ لَكَانَ جُنْدًا»

الصفحة 189