كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§وَقَوْلُهُ: {فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ} [محمد: 13] فِيهِ وَجْهَانِ مِنَ التَّأْوِيلِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نَصَبَ النَّاصِرُ بِالتَّبْرِئَةِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَاصِرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُضْمِرُ كَانَ أَحْيَانًا فِي مِثْلِ هَذَا وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَلَا نَاصِرَ لَهُمُ الْآنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ يَنْصُرُهُمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {أَفَمَنْ كَانَ} [هود: 17] عَلَى بُرْهَانٍ وَحُجَّةٍ وَبَيَانٍ {مِنْ} [البقرة: 4] أَمْرِ {رَبِّهِ} [البقرة: 37] وَالْعِلْمِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ، فَهُوَ يَعْبُدُهُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْهُ، بِأَنَّ لَهُ رَبًّا يُجَازِيهِ عَلَى طَاعَتِهِ إِيَّاهُ الْجَنَّةَ، وَعَلَى إِسَاءَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ النَّارَ، {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} [محمد: 14] يَقُولُ: كَمَنْ حَسَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ قَبِيحَ عَمَلِهِ وَسَيِّئَهُ، فَأَرَاهُ جَمِيلًا، فَهُوَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ مُقِيمٌ {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14] يَقُولُ: وَاتَّبَعُوا مَا دَعَتْهُمْ إِلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ بِمَا يَعْمَلُونَ مِنْ ذَلِكَ بُرْهَانٌ وَحُجَّةٌ وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [هود: 17] نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَإِنَّ الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} [محمد: 14] هُمُ الْمُشْرِكُونَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15]

الصفحة 199