كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 16] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ يَا مُحَمَّدُ {مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: 25] وَهُوَ الْمُنَافِقُ، فَيَسْتَمِعُ مَا تَقُولُ فَلَا يَعِيهِ وَلَا يَفْهَمُهُ، تَهَاوُنًا مِنْهُ بِمَا تَتْلُو عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ، وَتَغَافُلًا عَمَّا تَقُولُهُ، وَتَدْعُو إِلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ، {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} [محمد: 16] قَالُوا إِعْلَامًا مِنْهُمْ لِمَنْ حَضَرَ مَعَهُمْ مَجْلِسَكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ، وِتلَاوَتِكَ عَلَيْهِمْ مَا تَلَوْتَ، وَقِيلِكَ لَهُمْ مَا قُلْتَ إِنَّهُمْ لَنْ يُصْغُوا أَسْمَاعَهُمْ لِقَوْلِكَ وَتِلَاوَتِكَ {مَاذَا قَالَ} [سبأ: 23] لَنَا مُحَمَّدٌ {آنِفًا} [محمد: 16] ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {§وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} [محمد: 16] " هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونِ، دَخَلَ رَجُلَانِ: رَجُلٌ مِمَّنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ وَانْتَفَعَ بِمَا سَمِعَ وَرَجُلٌ لَمْ يَعْقِلْ عَنِ اللَّهِ، فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا سَمِعَ، كَانَ يُقَالُ: النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَسَامِعٌ عَامِلٌ، وَسَامِعٌ غَافِلٌ، وَسَامِعٌ تَارِكٌ "

الصفحة 203