كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} [محمد: 18] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَمَّا الَّذِينَ وَفَّقَهُمُ اللَّهُ لِاتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَشَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ مِنَ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَإِنَّ مَا تَلَوْتَهُ عَلَيْهِمْ، وَسَمِعُوهُ مِنْكَ {زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17] يَقُولُ: زَادَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِمْ، وَبَيَانًا لِحَقِيقَةِ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى الْبَيَانِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُمْ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الَّذِيَ تَلَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ أَهْلُ النِّفَاقِ مِنْهُمْ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، مَاذَا قَالَ آنِفًا، وَزَادَ اللَّهُ أَهْلَ الْهُدَى مِنْهُمْ هُدًى، كَانَ بَعْضُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ يَنْسَخُ بَعْضَ مَا قَدْ كَانَ الْحُكَمُ مَضَى بِهِ قَبْلُ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي , قَالَ: ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {§وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] قَالَ: «لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ آمَنُوا بِهِ، فَكَانَ هُدًى، فَلَمَّا تَبَيَّنَ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ زَادَهُمْ هُدًى»
§وَقَوْلُهُ: {وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَأَعْطَى اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْمُهْتَدِينَ تَقْوَاهُمْ، وَذَلِكَ اسْتِعْمَالُهُ إِيَّاهُمْ تَقْوَاهُمْ إِيَّاهُ

الصفحة 205