كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

حَدَّثَنَا قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {§سَوَّلَ لَهُمْ} [محمد: 25] يَقُولُ: «زَيَّنَ لَهُمْ»
§وَقَوْلُهُ: {وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25] يَقُولُ: وَمَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِي آجَالِهِمْ مُلَاوَةً مِنَ الدَّهْرِ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ، وَاللَّهُ أَمْلَى لَهُمْ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْكُوفَةِ {وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25] بِفَتْحِ الْأَلْفِ مِنْهَا بِمَعْنَى: وَأَمْلَى اللَّهُ لَهُمْ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ (وَأُمْلِيَ لَهُمْ) عَلَى وَجْهِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ (وَأُمْلِي) بِضَمِّ الْأَلْفِ وَإِرْسَالِ الْيَاءِ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ وَأَوْلَى هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ بِالصَّوَابِ الَّتِي عَلَيْهَا عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْكُوفَةِ مِنْ فَتْحِ الْأَلْفِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهَا الْقِرَاءَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ فِي قَرَأَةِ الْأَمْصَارِ، وَإِنْ كَانَ يَجْمَعُهَا مَذْهَبٌ تَتَقَارَبُ مَعَانِيهَا فِيهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد: 26]-[220]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْلَى اللَّهُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ وَتَرَكَهُمْ، وَالشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ، فَلَمْ يُوَفِّقْهُمْ لِلْهُدَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ {قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ} [محمد: 26] مِنَ الْأَمْرِ بِقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ بِهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} [محمد: 26] الَّذِي هُوَ خِلَافٌ لِأَمْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَمْرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الصفحة 219