كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {§ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} [محمد: 26] «فَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ»
{§وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد: 26] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَ هَذَيْنِ الْحِزْبَيْنِ الْمُتَظَاهِرَيْنِ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ، عَلَى خِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ، إِذْ يَتَسَارُّونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْكُفْرِ بِاللَّهِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ (أَسْرَارَهُمْ) بِفَتْحِ الْأَلْفِ مِنْ أَسْرَارَهُمْ عَلَى وَجْهِ جِمَاعِ سِرٍّ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ {إِسْرَارَهُمْ} [محمد: 26] بِكَسْرِ الْأَلْفِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ أَسْرَرْتُ إِسْرَارًا وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ -[221]- فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 28] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ، فَكَيْفَ لَا يَعْلَمُ حَالَهُمْ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَهُمْ يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، يَقُولُ: فَحَالُهُمْ أَيْضًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَعْنِي بِالْأَدْبَارِ: الْأَعْجَازِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ

الصفحة 220