كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] : أَنْتُمُ الْغَالِبُونَ الْأَعَزُّ مِنْهُمْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {§وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] قَالَ: «الْغَالِبُونَ مِثْلَ يَوْمِ أُحُدٍ، تَكُونُ عَلَيْهِمُ الدَّائِرَةُ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ {§فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [محمد: 35] قَالَ: «هَذَا مَنْسُوخٌ» ، قَالَ: «نَسَخَهُ الْقِتَالُ وَالْجِهَادُ» يَقُولُ: لَا تَضْعُفْ أَنْتَ وَتَدْعُوهُمْ أَنْتَ إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتَ الْأَعْلَى، قَالَ: وَهَذَا حِينَ كَانَتِ الْعُهُودُ وَالْهُدْنَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْقِتَالُ، يَقُولُ: لَا تَهُنْ فَتَضْعُفَ، فَيُرَى أَنَّكَ تَدْعُو إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتَ فَوْقَهُ، وَأَعَزُّ مِنْهُ {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] أَنْتُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ، ثُمَّ جَاءَ الْقِتَالُ بَعْدُ فَنَسَخَ هَذَا أَجْمَعَ، فَأَمَرَهُ بِجِهَادِهِمْ وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ وَقَدْ قِيلَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] وَأَنْتُمُ الْغَالِبُونَ آخِرَ الْأَمْرِ، وَإِنْ غَلَبُوكُمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَقَهَرُوكُمْ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ وَقَوْلُهُ: {فَلَا تَهِنُوا} [محمد: 35] جَزْمٌ بِالنَّهْيِ، وَفِي قَوْلِهِ {وَتَدْعُوا} [محمد: 35] وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا الْجَزْمُ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى تَهِنُوا، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: فَلَا تَهِنُوا وَلَا تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ، وَالْآخَرُ

الصفحة 228