كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

أَمْوَالَكُمْ، وَلَكِنَّهُ يُكَلِّفُكُمْ تَوْحِيدَهُ، وَخَلْعَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ، وَإِفْرَادِ الْأُلُوهَةِ وَالطَّاعَةِ لَهُ {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا} [محمد: 37] : يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنْ يَسْأَلْكُمْ رَبُّكُمْ أَمْوَالَكُمْ {فَيُحْفِكُمْ} [محمد: 37] يَقُولُ: فَيُجْهِدُكُمْ بِالْمَسْأَلَةِ، وَيُلِحُّ عَلَيْكُمْ بِطَلَبِهَا مِنْكُمْ فَيُلْحِفَ، {تَبْخَلُوا} [محمد: 37] : يَقُولُ: تَبْخَلُوا بِهَا وَتَمْنَعُوهَا إِيَّاهُ، ضَنًّا مِنْكُمْ بِهَا، وَلَكِنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، وَمِنْ ضِيقِ أَنْفُسِكُمْ فَلَمْ يَسْأَلْكُمُوهَا
§وَقَوْلُهُ: {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} [محمد: 37] يَقُولُ: وَيُخْرِجُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَوْ سَأَلَكُمْ أَمْوَالَكُمْ بِمَسْأَلَتِهِ ذَلِكَ مِنْكُمْ أَضْغَانَكُمْ قَالَ: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ فِيَ مَسْأَلَتِهِ الْمَالَ خُرُوجُ الْأَضْغَانِ
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا} [محمد: 37] قَالَ: " الْإِحْفَاءُ: أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ شَيْءٍ بِيَدَيْكَ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ: {هَا أَنْتُمْ} أَيُّهَا النَّاسُ {هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [محمد: 38] يَقُولُ: تُدْعَوْنَ إِلَى النَّفَقَةِ فِي جِهَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ {فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ} [محمد: 38] بِالنَّفَقَةِ فِيهِ، وَأُدْخِلَتْ «هَا» فِي مَوْضِعَيْنِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَرَادَتِ التَّقْرِيبَ جَعَلَتِ الْمَكْنِيَّ بَيْنَ «هَا» وَبَيْنَ «ذَا» ، فَقَالَتْ: هَا أَنْتَ ذَا قَائِمًا، لِأَنَّ التَّقْرِيبَ جَوَابُ الْكَلَامِ، فَرُبَّمَا أَعَادَتْ «هَا» مَعَ «ذَا» ، وَرُبَّمَا اجْتَزَأَتْ بِالْأُولَى، وَقَدْ حَذَفَتِ الثَّانِيَةَ، وَلَا يُقَدِّمُونَ

الصفحة 231