كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

لَا يَقُومُ أَحَدٌ إِلَّا فُلَانٌ، وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ نَصْبًا عَلَى الِاسْتِثَنَاءِ وَالِانْقِطَاعِ عَنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، يُرِيدُ: اللَّهُمَّ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: مَعْنَاهُ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا، إِلَّا مَنْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ؛ قَالَ: لَا يَكُونُ بَدَلًا مِمَّا فِي يُنْصَرُونَ، لِأَنَّ إِلَّا مُحَقَّقٌ، وَالْأَوَّلُ مَنْفِيُّ، وَالْبَدَلُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَعْنَى الْأَوَّلِ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَفُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِمَعْنَى: يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ بِأَنْ يَشْفَعَ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ
§وَقَوْلُهُ: {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الدخان: 42] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَاصِفًا نَفْسَهُ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَزِيزُ فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ، الرَّحِيمُ بِأَوْلِيَائِهِ، وَأَهْلِ طَاعَتِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} يقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} [الدخان: 43] الَّتِي أَخْبَرَ أَنَّهَا تَنْبُتُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ، الَّتِي جَعَلَهَا طَعَامًا لِأَهْلِ الْجَحِيمِ، ثَمَرُهَا فِي الْجَحِيمِ طَعَامُ الْآثِمِ فِي الدُّنْيَا بِرَبِّهِ، وَالْأَثِيمُ: ذُو الْإِثْمِ، وَالْإِثْمُ مِنْ أَثِمَ يَأْثَمُ فَهُوَ أَثِيمٌ وَعَنَى بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الَّذِي إِثْمُهُ الْكُفْرُ بِرَبِّهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْآثَامِ
وَقَدْ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ -[54]- الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يُقْرِئُ رَجُلًا {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: 44] فَقَالَ: طَعَامُ الْيَتِيمِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «قُلْ إِنَّ §شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْفَاجِرِ»

الصفحة 53