كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§وَقَوْلُهُ: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} [الطور: 28] يَقُولُ: إِنَّا كُنَّا فِي الدُّنْيَا مِنْ قَبْلِ يَوْمِنَا هَذَا نَدْعُوهُ: نَعْبُدُهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ} [الطور: 28] يَعْنِي: اللَّطِيفُ بِعِبَادِهِ
كَمَا: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {§إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ} [الطور: 28] يَقُولُ: «اللَّطِيفُ»
§وَقَوْلُهُ: {الرَّحِيمُ} [الفاتحة: 1] يَقُولُ: الرَّحِيمُ بِخَلْقِهِ أَنْ يُعَذِّبَهُمُ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ} [الطور: 28] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ (أَنَّهُ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ، بِمَعْنَى: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْبَرُّ، أَوْ بِأَنَّهُ هُوَ الْبَرُّ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ بِالْكَسْرِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَكِّرْ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أُرْسِلْتَ إِلَيْهِ مِنْ قَوْمِكَ وَغَيْرِهِمْ، وَعِظْهُمْ بِنِعَمِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ {فَمَا أَنْتَ -[592]- بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ} يَقُولُ فَلَسْتَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ بِكَاهِنٍ تَتَكَهَّنُ، وَلَا مَجْنُونٍ لَهُ رِئِيُّ يُخْبِرُ عَنْهُ قَوْمَهُ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ، وَلَكِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَاللَّهُ لَا يَخْذُلُكَ، وَلَكِنَّهُ يَنْصُرُكَ

الصفحة 591