كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§وَقَوْلُهُ: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور: 45] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَدَعْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يَهْلِكُونَ، وَذَلِكَ عِنْدَ النَّفْخَةِ الْأُولَى وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور: 45] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ سِوَى عَاصِمٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ (يَصْعَقُونَ) ، وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ {يُصْعَقُونَ} [الطور: 45] بِضَمِّ الْيَاءِ، وَالْفَتْحُ أَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيْنَا، لِأَنَّهُ أَفْصَحُ اللُّغَتَيْنِ وأَشْهَرُهُمَا، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى جَائِزَةً، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: صَعِقَ الرَّجُلُ وَصُعِقَ، وَسَعِدَ وَسُعَدَ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الصَّعْقِ بِشَوَاهِدِهِ، وَمَا قَالَ فِيهِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الطور: 47] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [الطور: 46] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ، ثُمَّ بَيَّنَ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيَّ يَوْمٍ هُوَ، فَقَالَ: يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، يَعْنِي: مَكْرُهُمْ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا، فَالْيَوْمُ الثَّانِي تَرْجَمَةٌ عَنِ الْأَوَّلِ
§وَقَوْلُهُ: {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48] يَقُولُ: وَلَا هُمْ يَنْصُرُهُمْ نَاصِرٌ، فَيَسْتَقِيدُ لَهُمْ مِمَّنْ عَذَّبَهُمْ وَعَاقَبَهُمْ

الصفحة 602