كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [الجاثية: 9] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَإِذَا عَلِمَ} [الجاثية: 9] هَذَا الْأَفَّاكُ الْأَثِيمُ {مِنْ} [البقرة: 4] آيَاتِ اللَّهِ {شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا} [الجاثية: 9] يَقُولُ: اتَّخَذَ تِلْكَ الْآيَاتِ الَّتِي عَلِمَهَا هُزُوًا، يَسْخَرُ مِنْهَا، وَذَلِكَ كَفِعْلِ أَبِي جَهْلٍ حِينَ نَزَلَتْ {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: 44] إِذْ دَعَا بِتَمْرٍ وَزُبْدٍ فَقَالَ: تَزَقَّمُوا مِنْ هَذَا، مَا يَعِدُكُمْ مُحَمَّدٌ إِلَّا شَهْدًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ
§وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ هَذَا الْفِعْلَ، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُصِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمُ اسْتِكْبَارًا، وَيَتَّخِذُونَ آيَاتِ اللَّهِ الَّتِي عَلِمُوهَا هُزُوًا، لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ اللَّهِ عَذَابٌ -[77]- مُهِينٌ يُهِينُهُمْ وَيُذِلُّهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، بِمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ آيَاتِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {أُولَئِكَ} [البقرة: 5] فَجَمَعَ وَقَدْ جَرَى الْكَلَامُ قَبْلَ ذَلِكَ رَدًّا لِلْكَلَامِ إِلَى مَعْنَى الْكُلِّ فِي قَوْلِهِ: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الجاثية: 7]

الصفحة 76