كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

الْمَحْيَا وَالْمَمَاتَ لِلْكُفَّارِ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ يَجُوزُ فِي هَذَا الْمَعْنَى نَصْبُ السَّوَاءِ وَرَفْعُهُ، لِأَنَّ مَنْ جَعَلَ السَّوَاءَ مُسْتَوِيًا، فَيَنْبَغِي لَهُ فِي الْقِيَاسِ أَنْ يُجْرِيهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ صِفَةٌ، وَمَنْ جَعَلَهُ الِاسْتِوَاءَ، فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ لِأَنَّهُ اسْمٌ، إِلَّا أَنْ يَنْصِبَ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتَ عَلَى الْبَدَلِ، وَيَنْصِبَ السَّوَاءَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ، وَإِنْ شَاءَ رَفَعَ السَّوَاءَ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى مُسْتَوٍ، كَمَا تَقُولُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ خَيْرٌ مِنْكَ أَبُوهُ، لِأَنَّهُ صِفَةٌ لَا يُصْرَفُ وَالرَّفْعُ أَجْوَدُ وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ قَوْلُهُ: {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ} [الجاثية: 21] بِنَصْبِ سَوَاءٍ وَبِرَفْعِهِ، وَالْمَحْيَا وَالْمَمَاتُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِمَنْزِلَةِ، قَوْلِهِ: رَأَيْتُ الْقَوْمَ سَوَاءً صِغَارُهُمْ وَكِبَارُهُمْ بِنَصْبِ سَوَاءٍ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ فِعَلًا لِمَا عَادَ عَلَى النَّاسِ مِنْ ذِكْرِهِمْ قَالَ: وَرُبَّمَا جَعَلَتِ الْعَرَبُ سَوَاءً فِي مَذْهَبِ اسْمٍ بِمَنْزِلَةِ حَسْبُكَ، فَيَقُولُونَ: رَأَيْتُ قَوْمَكَ سَوَاءٌ صِغَارُهُمْ وَكِبَارُهُمْ فَيَكُونُ كَقَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسْبُكَ أَبُوهُ قَالَ: وَلَوْ جَعَلْتَ مَكَانَ سَوَاءٍ مُسْتَوٍ لَمْ يُرْفَعْ، وَلَكِنْ نَجْعَلُهُ مُتْبَعًا لِمَا قَبْلَهُ، مُخَالِفًا لِسَوَاءٍ، لِأَنَّ مُسْتَوٍ مِنْ صِفَةِ الْقَوْمِ، وَلَأَنْ سَوَاءً كَالْمَصْدَرِ، وَالْمَصْدَرُ اسْمٌ قَالَ: وَلَوْ نَصَبْتَ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتَ كَانَ وَجْهًا، يُرِيدُ أَنْ نَجْعَلَهُمْ سَوَاءً فِي مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتِهِمْ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمُ: الْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يُسَاوِي مِنَ اجْتَرَحَ السَّيِّئَاتِ الْمُؤْمِنُ فِي الْحَيَاةِ، وَلَا الْمَمَاتِ، عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ مَوْقِعَ الْخَبَرِ، فَكَانَ خَبَرًا لِجَعَلْنَا قَالَ:

الصفحة 90