كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {§أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23] قَالَ: «لَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا رَكِبَهُ لَا يَخَافُ اللَّهَ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ مَعْبُودَهُ مَا هَوِيَتْ عِبَادَتَهُ نَفْسُهُ مِنْ شَيْءٍ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: " §كَانَتْ قُرَيْشٌ تَعْبُدُ الْعُزَّى، وَهُوَ حَجَرٌ أَبْيَضٌ، حِينًا مِنَ الدَّهْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ طَرَحُوا الْأَوَّلَ وَعَبَدُوا الْآخَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23] " وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: أَفَرَأَيْتَ يَا مُحَمَّدُ مَنِ اتَّخَذَ مَعْبُودَهُ هَوَاهُ، فَيَعْبُدُ مَا هَوِي مِنْ شَيْءٍ دُونَ إِلَهِ الْحَقِّ الَّذِي لَهُ الْأُلُوهَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعْنَاهُ دُونَ غَيْرِهِ
§وَقَوْلُهُ: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَخَذَلَهُ عَنْ مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ، وَسَبِيلِ الرَّشَادِ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَهْتَدِي، وَلَوْ جَاءَتْهُ كُلُّ آيَةٍ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ -[94]- عَبَّاسٍ، {§وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: 23] يَقُولُ: «أَضَلَّهُ اللَّهُ فِي سَابِقِ عَلْمِهِ»

الصفحة 93