كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 21)

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: " §لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، وَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا "
حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «§لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ»
{§وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْقَائِلِينَ: مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا، وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ، بِمَا يَقُولُونَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ: يَعْنِي مِنْ يَقِينِ عِلْمٍ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ تَخَرُّصًا بِغَيْرِ خَبَرٍ أَتَاهُمْ مِنَ اللَّهِ، وَلَا بُرْهَانٍ عِنْدَهُمْ بِحَقِيقَتِهِ {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: 24] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَا هُمْ إِلَّا فِي ظَنٍّ مِنْ ذَلِكَ، وَشَكٍّ، يُخْبِرُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ فِي حَيْرَةٍ مِنَ اعْتِقَادِهِمْ حَقِيقَةَ مَا يَنْطِقُونَ مِنْ ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الجاثية: 25]-[99]- يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَإِذَا تُتْلَى عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ آيَاتُنَا، بِأَنَّ اللَّهَ بَاعِثٌ خَلْقَهُ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِمْ، فَجَامِعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَهُ لِلثَّوَابِ وَالْعِقَابِ {بَيِّنَاتٍ} [البقرة: 99] يَعْنِي: وَاضِحَاتٍ جَلِيَّاتٍ، تَنْفِي الشَّكَّ عَنْ قَلْبِ أَهْلِ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ فِي ذَلِكَ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ عَلَى رَسُولِنَا الَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ عَلَيْهِمْ إِلَّا قَوْلُهُمْ لَهُ: ائْتِنَا بِآبَائِنَا الَّذِينَ قَدْ هَلَكُوا أَحْيَاءً، وَانْشُرْهُمْ لَنَا إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِيمَا تَتْلُو عَلَيْنَا وَتُخْبِرُنَا، حَتَّى نُصَدِّقَ بِحَقِيقَةِ مَا تَقُولُ بِأَنَّ اللَّهَ بَاعِثَنَا مِنْ بَعْدِ مَمَاتِنَا، وَمُحْيِينَا مِنْ بَعْدِ فَنَائِنَا

الصفحة 98