كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

الشَّيْءُ النُّكُرُ {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} [القمر: 7] يَقُولُ: ذَلِيلَةٌ أَبْصَارُهُمْ خَاشِعَةٌ، لَا ضَرَرَ بِهَا {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} [القمر: 7] وَهِيَ جَمْعُ جَدَثٍ، وَهِيَ الْقُبُورُ، وَإِنَّمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْخُشُوعِ الْأَبْصَارَ دُونَ سَائِرِ أَجْسَامِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ أَجْسَامِهِمْ، لِأَنَّ أَثَرَ ذِلَّةِ كُلِّ ذَلِيلٍ، وَعِزَّةِ كُلِّ عَزِيزٍ، تَتَبَيَّنُ فِي نَاظِرَيْهِ دُونَ سَائِرِ جَسَدِهِ، فَلِذَلِكَ خَصَّ الْأَبْصَارَ بِوَصْفِهَا بِالْخُشُوعِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} [القمر: 7] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: (§خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ) : أَيْ ذَلِيلَةً أَبْصَارُهُمْ " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: (خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ) فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْمَكِّيِّينَ الْكُوفِيِّينَ {خُشَّعًا} [القمر: 7] بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ، بِمَعْنَى خَاشِعٍ؛ وَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ (خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ) بِالْأَلِفِ عَلَى التَّوْحِيدِ اعْتِبَارًا بِقِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ «خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ» ، وَأَلْحَقُوهُ وَهُوَ بِلَفْظِ الِاسْمِ فِي التَّوْحِيدِ، إِذْ كَانَ صِفَةً

الصفحة 117