كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، «§أَنَّ اللَّهَ، حِينَ غَرَّقَ الْأَرْضَ، جَعَلَتِ الْجِبَالُ تَشْمُخُ، فَتَوَاضَعَ الْجُودِيُّ، فَرَفَعَهُ اللَّهُ عَلَى الْجِبَالِ، وَجَعَلَ قَرَارَ السَّفِينَةِ عَلَيْهِ»
§وَقَوْلُهُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] يَقُولُ: فَهَلْ مِنْ ذِي تَذَكُّرٍ يَتَذَكَّرُ مَا قَدْ فَعَلْنَا بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي كَفَرَتْ بِرَبِّهَا، وَعَصَتْ رَسُولَهُ نُوحًا، وَكَذَّبَتْهُ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ عَنْ رَبِّهِمْ مِنَ النَّصِيحَةِ، فَيَعْتَبِرُ بِهِمْ، وَيَحْذَرَ أَنْ يَحِلَّ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ بِكُفْرِهِ بِرَبِّهِ، وَتَكْذِيبِهِ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلُ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ، فَيُنِيبَ إِلَى التَّوْبَةِ، وَيُرَاجِعَ الطَّاعَةَ وَأَصْلُ مُدَّكِرٍ: مُفْتَعِلٌ مِنْ ذَكَرَ، اجْتَمَعَتْ فَاءُ الْفِعْلِ، وَهِيَ ذَالٌ، وَتَاءٌ وَهِيَ بَعْدَ الذَّالِ، فَصُيِّرَتَا دَالًا مُشَدَّدَةً، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِيمَا كَانَ أَوَّلُهُ ذَالًا يَتْبَعُهَا تَاءُ الِافْتِعَالِ يَجْعَلُونَهُمَا جَمِيعًا دَالًا مُشَدَّدَةً، فَيَقُولُونَ: ادَّكَرْتَ ادِّكَارًا، وَإِنَّمَا هُوَ اذْتَكَرْتَ اذْتِكَارًا، وَفَهَلْ مِنْ مُذْتَكِرٍ، وَلَكِنْ قِيلَ: ادَّكَرْتَ وَمُدَّكِرٌ لِمَا قَدْ وَصَفْتُ، قَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَسَدٍ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ مُذَّكِرٌ، فَيَقْلِبُونَ الدَّالَّ وَيَعْتَبِرُونَ الدَّالَّ وَالتَّاءَ ذَالًا مُشَدَّدَةً، وَذُكِرَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، أَوْ مُذَّكِرٍ، فَقَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُذَّكِرٍ» يَعْنِي بِذَالٍ مُشَدَّدَةٍ

الصفحة 129