كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 22)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 37] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَقَدْ أَنْذَرَ لُوطٌ قَوْمَهُ بَطْشَتَنَا الَّتِي بَطَشْنَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ {فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} [القمر: 36] يَقُولُ: فَكَذَّبُوا بِإِنْذَارِهِ مَا أَنْذَرَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَكًّا مِنْهُمْ فِيهِ وَقَوْلُهُ: {فَتَمَارَوْا} [القمر: 36] تَفَاعَلُوا مِنَ الْمِرْيَةِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {§فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ} [القمر: 36] «لَمْ يُصَدِّقُوهُ»
§وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ} [القمر: 37] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَقَدْ رَاوَدَ لُوطًا قَوْمُهُ عَنْ ضَيْفِهِ الَّذِينَ نَزَلُوا بِهِ حِينَ أَرَادَ اللَّهُ إِهْلَاكَهُمْ {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} [القمر: 37] يَقُولُ: فَطَمَسْنَا -[150]- عَلَى أَعْيُنِهِمْ حَتَّى صَيَّرْنَاهَا كَسَائِرِ الْوَجْهِ لَا يُرَى لَهَا شَقٌّ، فَلَمْ يُبْصِرُوا ضَيْفَهُ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ طَمَسَتِ الرِّيحُ الْأَعْلَامَ: إِذَا دَفَنَتْهَا بِمَا تَسْفِي عَلَيْهَا مِنَ التُّرَابِ، كَمَا قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
[البحر البسيط]
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إِذَا اعْتَرَقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: طَامِسُ الْأَعْلَامِ مُنْدَفِنُ الْأَعْلَامِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

الصفحة 149